ثمة أمور كثيرة ,, تغتالنى ببطئ

خَوْف ,,

عندما أعلن الرئيس المخلوع زين العابدين بن على أمام الملأ أنه فهم الشعب التونسى أخيراً وأن تلك الحاشية التى غررت به ونقلت له أحوال العباد على غير ما هى عليه ستفقد مناصبها على الفور وأن العدل سيسود البلاد والإعلام سيعتلى عرش الحرية بلا منازع يقول ما يشاء وأن فخامته يعد الشعب أنه لن يترشح الى فترة رئاسية ثانية رغماً عن تلك الدعوات التى تأتيه ليل نهار تطلب منه وتستميحة أن يتكرم على الشعب التونسى بفترة رئاسية أخرى ..

أقول أنه عندما أعلن الرئيس المخلوع تلك المسارات التى تحدد بوصلة الشعوب الحرة وترسخ لنظام يحترم حقوق الإنسان , غاب عن بال فخامته قولاً للشهيد عبد الرحمن الكواكبى رحمة الله عليه حين قال ” خلق الله الإنسان حراً ، قائده العقل .. فكفر .. وأبى إلا أن يكون عبداً قائده الجهل ” ففطرة الإنسان التى خلقه الله عليها هى الحرية دون قيد وما يخالف ذلك من قابلية الشعوب للإستبداد لا يكون إلا مرحلة فاصلة يذوق الشعب فيها مذاق الإستبداد ليعود الى فطرته أكثر تمسكاً بها وإدراكاً لضرورتها الحياتية كما الطعام والشراب والهواء .

فى كتابه الرائع ” طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد ” يحلل عبد الرحمن الكواكبي أصل الإستبداد فى المجتمعات وقد عاصر رحمة الله علية الدولة العثمانية وعاش فى أرجائها مغضوباً عليه ذائقاً معنى السجن والتشرد والإستبداد ومصادرة الحريات وطاف فى العالم العربى يدعو الناس الى حرية السياسة وعدالة المجتمع وتجديد الدين ليخرج من إطار العبادات والأخلاق الذى وضع فيه عمداً الى ساحة العمل السياسى والمدنى يحكم فيهاً ويضع أصولها ومبادئها , تلك كانت دعوة الكواكبى رحمة الله عليه ولعله من فطنته كان يدرك أحوال الشعوب ويعلم أن هناك نقطة فاصلة لا تستطيع الشعوب عندها أن تتقبل شبح الإستبداد الجاسم على صدورها فتنطلق بالثورة الكامنة فيها الملتحمة بفطرتها الأولى وحينها لا يكون أمام المستبد إلا الرضوخ عند إرادتها والإمتثال لرغبتها .

” مملكة الأجسام وعالم القلوب “

يعلم المستبد بأن القلب هو أصل الفطرة وأن الشعوب إذا ما أدركت الحرية فى قلوبها لن تتنازل عن إدراكها فى واقعها , ولا يستطيع المستبد أن يحكم الأجساد بقيد الإستبداد وحده بل لابد من ملك القلوب حتى لا تُثار نزعتها الفطرية فتقلب الأجساد وتدفعها للثورة , والقلوب تُحكم بالدين وكما يقول الكواكبى ” الإستبداد السياسى متولد من الإستبداد الدينى .

والبعض القليل يقول : إن لم يكن توليد فهما أخوان , أبوهما التغلب وأمهما الرياسة , أو هما صنوان قويان بينهما رابطة الحاجة على التعاون لتذليل الناس . والمشاكلة بينهما أنهما حاكمان , أحدهما فى مملكة الأجسام والآخر فى عالم القلوب ” .

وقد كان لـ”بن علي” فى ساحة الدين تأثير عظيم , فبعد العلمنة التى تعرضت لها تونس جراء الإحتلال الفرنسى لم يبذل مسئولوها جهداً يذكر فى عودة الدين الى الساحة العامة , بل استمرت العلمنة تنخر فى جسد التونسى ووصل الأمر ذروته فى عهد بن علي عندما ضُيق الخناق على الحركة الإسلامية فى تونس وحُكم على الشيخ راشد الغنوشى مؤسس حزب حركة النهضة الإسلامية بالسجن المؤبد حتى هرب من تونس عام 1992 ولم يعد إليها حتى الأن , هذا الفاصل الذى أحدثه بن على بين الدين الحركى الداعى الى العمل فى ميادين السياسة والعمل المدنى والنضال من أجل الحريات العامة وبين الناس لم يترك مجالاً لإدراك الشعب التونسى بإمكانية الإنطلاق على أساس دينى للنضال من أجل الحرية , وإستبداد الدين يكون إما بإقصائه عن الحياة العامة كما فعل بن على وإما بالتسلط على رجال الدين وجعلهم منبراً يُعمق فى الناس مفاهيم طاعة ولى الأمر والإمتثال له مهما فعل كما كان علماء السلطان على مر الزمان .

” الإستبداد أصل لكل فساد “

يذكر الكواكبى رحمة الله عليه أن ” الإستبداد أصل لكل فساد , ومبنى ذلك أن المدقق فى أحوال البشر وطبائع الإجتماع كشف أن الإستبداد يضغط على العقل فيفسده , ويلعب بالدين فيفسده , ويحارب العلم فيفسده , وإنى لأبحث فى أنه كيف يغالب الإستبداد المجد فيفسده ويقيم مكانه التمجد ” لقد وصل زين العابدين بن على الى السلطة بإلتفاف قانونى على حكم الرئيس بورقيبة عندما حصل على شهادة أكبر أطباء تونس التى أفادت بأن بورقيبة غير قادر على ممارسة سلطاتة لأسباب صحية , ويحلل الكواكبى الدافع وراء هذا الإلتفاف بما سماه ” حاجة الحاكم الى التمجد ” وفرق بين المجد والتمجد فالمجد يكون بما فى الإنسان من جميل الخصال كالشجاعة والكرم أما التمجد فيكون بتلك المناصب التى يصل إليها الإنسان فتعينه ظلماً على العباد وكأنه نقص نفسى داخل المستبد يريد إشباعه بتملكه لمقاليد السلطة والتحكم فى مصائر الخلق , ولا تكتمل تلك الصورة للمستبد إلا بمتمجدين صغار لا شرف لهم ولا وجدان يعينونه على ظلمه وينافقون فى سبيل الحصور على منافع شخصية وقد قامت عائلة الطرابلسى المقربة من الرئيس بن على وبعض العائلات التى ملكت خيرات تونس بهذا الدور على أتم ما يكون .

” علم الحاكم وعلم المحكوم “

لقد رسم الكواكبى بمداد خالد هذا المصير الذى ستؤول إليه الشعوب إذا ما أستسلمت لواقع الإستبداد , وقدر أدرك شعب تونس العظيم أن الكرامة وفطرة الحرية هى السبيل الى الثورة , فكانت شرارة بوعزيزى تبعتها نار تلظى حرقت أطراف الأستبداد وها هى تسعى لإستئصال جذورة , إن كتاب الكواكبى هو دستور للشعب والحاكم فإذا أخذ به الحاكم المستبد علم كيف يؤتى الشعب من مواطن ضعفه وإذا أخذ به الشعب ثار ونال حريته وعلم كيف يؤتى الحاكم من موطن ضعفه , ولنا فى تونس الخضراء عبرة !!

نُشر هذا المقال فى موقع الجزيرة توك على هذا الرابط

فى مساء هذا اليوم الأخير

عندما نظرت الى القمر من وراء غشاوة دموعها

عرفت كيف تكون إلتفاتة القدر

(1)

حبيبى سالم

ها قد تحقق حلمنا أخيراً , رُزقت الأسبوع الماضى بفتاة

أسميتها سارة , كما كنت تتمنى أن تكون

دخلت مع أمى فى جدال / أستسلمتُ فى النهاية لها

ما زالت مصرة أن عيني سارة لا تشبه عينيك أبداً

أراها أنا نسخة صغيرة منك

المخلصة / سلمى

(2)

حبيبى سالم

سارة تزحف على الأرض أمامى الأن

يقول خالها أنها قلبوظة / أبتسم وأردد كأبيها

نطقت سارة يا سالم

قالت سسس / سااا / سلم / سالم

لا تردد سوى سالم / علمتها كثيراً أن تنسى الأن كل شئ

وتردد فقط سالم

المخلصة / سلمى

(3)

حبيبى سالم

ذهبت بسارة الى الحضانة منذ أيام

أمى تقول أن هذه خطوة شنيعة الأن ” البت لسه عودها أخضر يا بنتى بلا حضانة بلا وجع قلب ”

تحب سارة ” الشيكولاته ” جداً

أشترى لها فى طريقنا الى الحضانة قطعتين

قطعة لها / والأخرى تحفظها لسالم

الثلاجة مليئة بقطع الشيكولاتة من أجل سالم

تضطر جدتها لإعطاء القطع لأولاد الجيران حتى لا تتكدس الثلاجة بها

المخلصة / سلمى

(4)

حبيبى سالم

حصلت سارة فى مسابقة الرسم على المركز الأول

كم كنت سعيدة وفخورة بها

كانت ترتدى فى الحفل فستاناً أبيض / هناك وردة بنفسجية على جانبه الأيسر

رسمت سارة فى كشكولها كفاً أخضر / وضعت يدها عليه / وكتبت تحته سالم

المخلصة / سلمى

(5)

حبيبى سالم

ليتك كنت هنا منذ ساعات

سارة ستنتقل من المدرسة الى مدرسة بعيدة

يقولون أن عليها فى بداية الصفوف الإعدادية الإلتحاق بمدرسة خاصة بالمتفوقين

سألت أخى عن الأمر ” بنتك يا سلمى ذكية غير كل العيال خلى بالك منها ”

المخلصة / سلمى

(6)

حبيبى سالم

بصعوبة أقنعت أم على بأن سارة لن ترتبط بأحد قبل إنتهاء الثانوية

الدكتور على مستعد للإنتظار كل هذه المدة

” يا سلمى يا ختى الواد بيحبها ليه بقى نستنى , خير البر عاجله ”

أخذت على نفسى عهداً ألا تنشغل بشئ قبل أن تحقق حلمها فى كلية الفنون

سارة خلاص بقت عروسة زى القمر يا سالم

المخلصة / سلمى

(7)

حبيبى سالم

فى نقاش جرى بينى وبين أمى منذ أيام

اعتَرَفَت أخيراً بأن عيني سارة تشبه عينيك العسليتين

كان هذا عندما كانت سارة ترتدى الفستان وتستعد للذهاب إلى حفل التخرج من ثانوية المتفوقين للبنات

ليتك رأيتها يا سالم / كم كانت مضيئة

فستان أبيض / هناك وردة بنفسجية أصرت على الإحتفاظ بها من فستان كان لديها وهى صغيرة

قامت جدتها بحياكة الوردة فى جانب الفستان الأيسر

المخلصة / سلمى

(8)

حبيبى سالم

وجدت ورقة فى صندوق قديم بدولاب أمى

مكتوباً فى منتصفها بخط رائق ” أشتقت إليك ”

بعدما قرأت كل رسائل الصندوق

فهمت لماذا كانت أمى تبتسم فى لحظتها الأخيرة وتشير الى مكان الصندوق

أصرت على أن تدفن بجوارك

المخلصة / سارة

لقائى مع العميد صفوت الزيات على الجزيرة توك والذى كان حول واقع الحرب والسلام فى المنطقة العربية فى المستقبل القريب , يمكنكم مشاهدة الحوار هنا :

أو مشاهدة الموضوع على الجزيرة توك هنا

قول الحق لا ملامة فيه على أحد , والذى يصدح بما يراه حقاً , عالماً بأبعاد ما يقول , قادراً على تحمل تبعات ما يقول , هو ما نريد من أصناف البشر , لا سيما فى مجتمع صار إستهجان قائل الحق فيه أيسر وأحب الى الناس من إدانة قاتل أو سارق أو مغتصب , فى مجتمع كهذا معولماً بالضرورة يجب علينا أن ندرك ما يمكن ان نسمية ” تعدد وتنوع بنية الفهم ” العولمة بطبيعتها تفرض حالة من تحويل كل الظواهر حتى الثقافية منها الى فيروس يتفشى فى المجتمع بشكل تتابعى سريع لا يمكن القضاء عليه بسهولة أو حتى الحد من تأثيره , هناك حالة أستجلبتها العولمة يمكن توصيفها بحالة جمع خيوط التفكير الفردى المتقارب لتشكيل ظاهرة ثقافية وتوجه ما بمحض الصدفة !! , والتلاقى الغير مقصود ,  يكون لهذه الظاهرة أنصار ومنهجيات خاصة للتفكير , وفقاً لهذه المنهجيات التى شكلها التقارب العشوائى – مصطلح العشوائية قد يكون المصطلح الأقرب لحالة جمع تلك الخيوط فى مرحلتها الأولى وبعد ذلك يكون تكوين المنهجيات وعليه طرق التفكير الخاصة بتلك الفئة – أقول أنه ووفقاً لمنهجيات التفكير التى تشكلت تبعاً لتقارب عدة أنماط للتفكير الفردى نكون أمام ظاهرة جديدة يجب التعامل معها فى هذا الإطار الذى بينت , بالطبع قد تكون تلك الظاهرة إيجابية أو سلبية , قد تنتشر أو تموت فى مهدها  , قد تجلب أنصار او تظل عارية إلا من بعض المؤيدين .

هذه التقدمة كان لابد منها لفهم ما سأقول حول ظاهر ” كتائب الردع  ” التى بدأت بكتائب الردع الإخوانية ثم كتائب الردع الإسلامية لمنع معاكسات الفتيات والله وحده يعلم غداً ما هى الكتيبة الجديدة التى ستبرز على ساحة الفيس بوك .

من حق هؤلاء الشباب أن يقوموا بإنشاء مجموعات إلكترونية مناهضة أو مناصرة لجهة ما أو تحض على خلق وتدعو الى إجتناب رذيلة ما , كل هذا جيد ومقدر , لكن الأهم هو فهم الإطار الذى ستقدم فيه الفكرة الى الجمهور المتلقى , وفهم طبيعة الجمهور والأجواء التى يعيش فيها هذا الجمهور وما هى المناطق الحساسة التى سيشكل الضغط عليها حالة من المواجهة والعداء الفكرى الغير مطلوب .

أتذكر مقال نشره الدكتور عمرو الشوبكى فى المصرى اليوم عن مجموعة كتائب الردع الإخوانية جاء فيه

هل يعرف الإخوان معنى استدعاء كلمة كتائب لمواجهة مسلسل، وهى الكلمة التى تستخدمها فصائل المقاومة الفلسطينية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى الغاشم، مثل كتائب شهداء الأقصى، وكتائب عز الدين القسام، أما فى مصر فقد استخدمها الإخوان لمقاومة مسلسل، والعجيب أن الاتهام الأبرز الذى يوجهه إليهم هذا المسلسل وجمهور النخبة المدنية المصرية، هو أن العنف موقف أصيل فى فكر الإخوان، فيكون ردهم العبقرى هو تشكيل كتائب للردع

إذا أردت أن تعطى دروسا لأى شاب يرغب فى ممارسة العمل السياسى فعليه أن يفعل عكس ما يفعله الإخوان، أو بالأحرى إذا أراد النجاح فيجب أن يعرف أن السياسة علم وخبرة ومهارات، وليست فقط نوايا طيبة وإكليشيهات محفوظة ورؤى أحادية تبنى فى النهاية تنظيماً ديناصورياً بلا عقل سياسى، يتفرج عليه الناس ولا يستفيدون منه رغم عمره الذى تجاوز الثمانين عاماً.

بعيداً عن أن المجموعة لم تكن من عمل الإخوان وإنما كانت عمل فردى من أحد شباب الجماعة , وبعيداً عن ان الدكتور الشوبكى لم يتحرى الدقة فى معلوماته عن المجموعة , إلا أنه وبتلافى تلك النقطة يكون كلام الدكتور منطقى جداً

الرد الذى أشاعه رواد تلك المجموعات والكتائب الالكترونية على مثل تلك الإنتقادات , هو أن اسم المجموعة مجرد تعبير بلاغى لا يفهم على ظاهرة , وهنا مربط الفرس وأهمية فهم أثر المصطلحات ونشر تلك الأفكار بهذا الشكل , الدكتور الشوبكى وهو من النخبة المتابعة للحركة الإسلامية والإخوان بشكل دائم , أثار حفيظته الاسم , وليس فقط الدكتور الشوبكى , كثيرون انتقدوا هذا التوجه فى التعامل ومعالجة تلك القضايا , هل لابد من إبراز الطبيعة العدائية , طبيعة المواجهة , طبيعة ردع الأخر وهو مصطلح عسكرى بالمقام الأول , لماذا لا تكون الاولوية هى إبراز طبيعة التفاهم ونقاط التلاقى والتوافق لا سيما فى معالجة قضايا فكرية سمتها الاولى والأهم هو أن اصحابها يلتقون على ما يجمعهم اولاً ومن ثم يناقشون نقاط الخلاف .

الفكرة انتشرت سريعاً , وبتطبيق النظرية التى بدأت بها كلامى , تشكلت منهجية للتفكير تعتمد على إقصاء الأخر المخالف فى الفكر أو حتى من لديه قصور ما فى بعض الجوانب الأخلاقية عن طريق تصدير مصطلح الردع , وخرج الامر من إطار المواجهة الفكرية الى إطار نشر الأخلاق الحميدة وتلك طامة كبرى , حدث ان تجمعت حول الفكرة بسهولة التلاقى العولمى عقليات سطحية التفكير ظاهرية الفهم نصوصية حادة فى معالجتها لقضاياها , وبملامسة تلك القضايا كقضية معاكسة الفتيات نقاط حساسة لدى المجتمع المسلم والفتاة على العالم الالكترونى بدأت تتبلور منهجية تفكير -ردعية- تعتمد الردع كوسيلة أولى للتعامل مع كل الوقائع الغير مرغوب فيها .

لا نتحدث هنا عن أشخاص مجهولوا الإنتماء والتوجه , نتحدث هنا عن أشخاص يصدرون كلامهم دائماً بوصفهم إسلاميين , وعلى هؤلاء أن يفهموا ان ذاك الذى يفعلون دون أدنى فهم لتأثيره الخطير , فى ظل مجتمع باتت تهمة العنف فيه تلاحق الجماعات الإسلامية بشكل نمطى رتيب وحجج واهية ضعيفة , وفى ظل عالم بات الإسلام فيه بفهم الغرب هو المصدر الأول للعنف والإرهاب ذاك المصطلح الملاصق للشرق دائماً ,فى ظل كل هذا على هؤلاء ان يفهموا أن الحمق كل الحمق هو فى تصدير تلك الأفكار بتلك المصطلحات المنبوذة الحساسة التى تشكل ألغام قابلة للإنفجار تنتظر فقط من يضغط عليها .

ثم , هل تحولت الدعوة الى الأخلاق الحميد كالمحافظة على شرف المسلمة الى جبهات صراع فى حاجة الى كتائب للدفاع عنها , تلك الأخلاق الفطرية لا تحتاج إلا الى من يبثها بكل لين وسلاسة ويسر فى صفوف الشباب فتجد بعون الله والقبول الموضوع لها فى الأرض هؤلاء الذين يعودون اليها ويلتفون حولها , وبعد ذلك نأتى لنلوم من يشيرون الى تشكل مجموعات شبابية داخل الجماعات الإسلامية ترحب بالعنف وتؤمن أنه حل مطروح لمعالجة قضايا المجتمع .

ساذجون هؤلاء الذين يظنون انه فى عصر العولمة هذا يمكن إخفاء بعض الأمور الخاصة بمؤسسة أو جماعة أو هيئة عن مريديها او عن الجمهور المهتم بأمرها , هذا كان رأيى دائماً فى من يرفضون طرح بعض القضايا الحساسة على مكان ” كالفيس بوك ” بذريعة أنه يفتح باباً للنقاش فى غير محله وأن مناقشة هذه القضايا فى إطار أضيق أنفع وأصلح للمهتمين ولغير المهتمين الذين من الممكن أن يلتفتوا لها حال مناقشتها فى فضاء مفتوح , الأمر بالطبع لا يؤخذ هكذا على وجه التعميم هناك عدة أمور تحكم مناقشة كل قضيه وملابستها الخاصة فقط أقول انه فى الغالب لا يمكن خلق هذا التعتيم فالإعلام لم يعد يترك لا صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها

إنطلاقاً من هذه التقدمة من حق أى إنسان ان يقول ما يريد وأن يفعل ما يريد دعونى أكون أكثر واقعية معكم , فى هذه الأيام من حق اى إنسان ان يكذب كما يريد وأن يزور كما يريد وأن يختلق ما يريد وإن حاجلٌه أحد فى دعواه أصبح مصادراً لحرية الراى معتدياً عليها , فى هكذا ظروف تحيط بنا وفى هكذا تقبل مجتمعى لتلك الظروف دونما إعتراض يجب علينا أن نفهم امراً غاية فى الأهمية ” إن لم تستبق الفعل ستحصر رغماً عنك فى ردة الفعل ” هذه هى المعادلة التى تحكم كل صراع فكرى فى العالم ليس فقط فكرياً كل صراع سياسى إقتصادى وحتى عسكرى , على جبهات الصراع , الفرقة التى تفهم هذه  المعادلة وتعمل على تطبيقها هى الفرقة الرابحة , إستباق الفعل لا يعطى فقط مزية مفاجئة الخصم , بل يسمح بإستباق الوصول مبكراً لأرض المعركة وبالتالى إختيار المكان الأفضل للنزال والمراقبة والتخطيط وتوقع ردة الفعل ووضع الإستراتيجيات الأكثر ملائمة للرد عليها , هذا الوضع ينطبق تماماً على واقع مسلسل الجماعة والسجال الدائر حوله الان بين مؤيد ومعارض , والقضية كما أراها لا تنحصر فى التأييد والمعارضة أو حتى تجاهل المسلسل , هؤلاء الذين يشيعون فى أوساط الشباب أو حتى على الفيس بوك أن تجاهل العمل هو الرد الأمثل عليه وأن الناس يعرفون الإخوان من جهدهم ومعاشرتهم لهم فى كل مكان أقول هؤلاء الذين يرون هذا حلاً لا يدركون عقبات تأصيل الفكرة مجتمعياً عن طريق الإعلام

القضية أعمق كثيراً من مجرد تأييد ومعارضة , إنتقاد لوحيد حامد والإستهزاء به , تجاهل العمل بحجة أن الإخوان متغلغلون فى المجتمع , التفكير فى الأمر بتلك الأبعاد تفكير سطحى مجرد جداً , دعونى أشير على عجالة إلى أمران أراهما لب قضية مسلسل الجماعة ومجمل وعمق وملخص الصراع الدائر والذى سيستمر لفترة

أولاً : من حق وحيد حامد أن يقول وأن يفعل ما يريد ليس لأن الصحيح ان يفعل أى إنسان ما يريد ولكن لأن قانون الإعلام فى هذا العصر يعترف بأن من حق اى إنسان أن ينشر عبره ما يريد , لو ظل الإخوان ينظرون دائماً الى الأمر من تلك الوجهة وهى أن وحيد حامد يقوم بفعل منافى للأخلاق ويزور حقائق التاريخ ويجب علينا أن نلاحقه قضائياً لن يفعلوا شئ , فقط سيدورون فى حلقة مفرغة لا بداية لها ولا نهاية وسيستمر وحيد حامد وأمثاله فى فعل ما يريدون , وهنا وعلى هذا الصعيد أستطاع وحيد حامد إستباق الفعل بعمل أول عمل درامى متلفز عن الإخوان المسلمين ويكون بذلك قد حصل على ميزة المفاجئة ومزية الوصول مبكراً لأرض المعركة وزرع الألغام التى ستكلف الجماعة جهد جبار لإزالتها مرة أخرى , منذ خمس سنوات وأنا أسمع عن أن الجماعة بصدد تصوير عمل درامى عن سيرة الجماعة وسيرة الإمام المؤسس صادف القدر أن جلست مع أحد الذين كان من المفترض بهم القيام على المشروع وتحدثت معه وذكر لى أن هناك عدة عوائق جارى التغلب عليها وسيتم البدء قريباً فى تصوير المسلسل -ولم يحدث شئ – ماذا فعلاً لو كان الإخوان قاموا بهذا العمل لكانوا على جبهة الصراع الدرامى حققوا مكسب ومزية المفاجئة والوصول المبكر لأرض المعركة وبالتالى زرع الأرض بالحقائق التى يرسخها ويؤيدها الإخوان بمعاملتهم مع الناس ورؤية الناس لهم وبعدها ليفعل وحيد حامد وأمثاله ما يريدون , اما وقد تهاون الإخوان وتأخروا وتباطئوا فى هذا العمل فعليهم أن يتحملوا ضريبة الوصول لارض المعركة مؤخراً ونزع الألغام التى زرعها وحيد حامد والأمر جد مكلف

منذ أيام قرأت خبراً مفاده أن محسن راضى بصدد البدء فى العمل الدرامى الإخوانى وأن السيناريو جاهز وسيكون العمل حاضراً قريباً للرد على إفتراء وحيد حامد , الأن فقط أفاق الإخوان من سباتهم وغفوتهم وأدركوا أن عليهم البدء فى تصوير مسلسل عن تاريخ الجماعة وأن هذا الأمر جد مهم الأن فقط كل العقبات لم تعد موجودة وسيظهر المسلسل للنور قريباً , الان فقط للأسف أفاق الإخوان على صفعة وحيد حامد المدوية

ثانياً : هناك فرق بين تأثر الفرد وتأثر المجتمع بعمل درامى , قد أقابل صديقاً واثنين وثلاثة واطالع رأيهم فى مسلسل الجماعة فأراهم ساخطين عليه وعلى ما فيه , لكن على مستوى المجتمع ككيان أحادى التأثر له طابع وشكل مختلف , نحن مجتمع جاهل كالوعاء الفارغ المفتوح يستقبل على مستوى الفكر والثقافة والأفكار كل ما يوضع فيه ويفرح بإمتلائة بأى شئ وينضح الوعاء بما فيه فى كل محفل بمناسبة وبغير مناسبة على سبيل إستعراض الأفكار ونشرها , فى هكذا مجتمع بتلك الظروف يكون ما تحدثت عنه من أمر إستباق الفعل غاية فى الأهمية بل هو الفيصل فى كل الصراعات الفكرية , الفريق المتأخر لن يجد الوعاء فارغاً سيبذل جهداً لإستخراج ما فيه ومحاولة إستبداله بأفكار اخرى

أخيراً حتى لا يكون الامر مجرد جلداً للذات نحتاج الى الإفاقة من تلك الغفلة دعونا من أحاديث الجماعة الربانية المحفوظة بقدرة الله وبقدرة ابنائها على إظهارها بوجه حسن عن طريق التعامل مع الناس كل هذا جيد ومحمود ولكنه فى قضية مسلسل الجماعة وتأثيرة مجرد هامش ظاهرى سطحى لا يشكل سوى الجزء البارز فوق الأرض من الجبل وما تحت الأرض أعمق ويحتاج الى دراسة متأنية وعمل وإدراك لأثر الإعلام وخاصة الدراما التلفزيونية وتبعات تلك الأعمال فى ظروف مجتمع كمجتمعنا , ولا يقول لى أحد أن هذا المسلسل يعد ردة فعلا على جهد الجماعة وإنتشارها قد يكون هذا جانب للأمر وجانب صحيح لكن بتخصيص وجهة النظر على جبهة الدراما يكون العمل فعلاً متفرداً اولياً أكتسب كل مقومات الفعل الأول وعلي الإخوان أن يتحملوا كونهم ردة فعل .

ها هو رمضان على الأبواب وها هم أرباب صناعة الدراما التلفزيونية يكشرون عن أنيابهم بأعمال جديدة سيذخر بها التلفزيون المصرى فى رمضان القادم , لعل اهم عمل تلفزيونى سيعرض على الشاشات الفضائية فى رمضان القادم هو مسلسل ” الجماعة ” التى يستعرض تاريخ جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها على يد البنا رحمة الله وعليه وحتى مرشدها الأستاذ محمد مهدى عاكف .

صحيح انها مأساة ومصيبة كبرى أن يكتب ويؤرخ ماركسى سابق وهو وحيد حامد لتجربة أكبر حركة إسلامية فى الثمانين عاماً الأخيرة , سأتجاوز معكم الحديث عن الضمير والذات وكيف يتم السماح لوحيد حامد بالكتابة عن الإخوان وهو من أعدى أعدائها , الحديث بهذة الطريقة الساذجة فى عصر العولمة وحرية الإعلام يعتبر ضرباً من الجنون والبكاء الذى لا طائل منه , بعض الذين حادثتهم كان هذا رأيهم وبالطبع فى عالم ما بعد الحداثة هذا أصبح الحكر على أية فكرة أياً كانت ضرباً من الخيال .

البعض الأخر أعتبر أن الجماعة بتاريخها العريق وجذورها فى المجتمع لن يؤثر فيها بطبيعة الحال عمل درامى كهذا بل هى أكبر من ذلك بكثير وهذا تفكير أيضاً يحمل نوعاً من النارجسية والإعتداد بذات الجماعة أكثر مما تحتمل تلك الذات , الواقع أننا مجتمع جاهل يتأثر بالدراما أيما تأثر بل لن أكون مبالغاً إن قلت أن كل الأعمال الدرامية التى تحدثت عن شخصيات عامة أخذها الناس كمسلمات لا يجوز التفكير فيها أو مراجعتها إبتداء من أيام السادات وإمام الدعاة والملك فاروق وأم كلثوم وحليم , تأثر الشعب المصرى بالدراماً بالغ الخطورة .

لن انتقد وحيد حامد كشخص لكن سأنتقد الفكرة المقدمة بالتأكيد , الإعلام حرب وحامد أستعان فى هذه الحرب بأدوات لها تأثير بالغ ومهم وأجاد أستخدامها بذكاء لإيصال فكرته بل وأستعان بممثلين لهم ثقل وجماهرية كبيرة لأداء الأدوار وهو يصنع الزخم الإعلامى الكافى لتقديم عمل درامى ناجح ومتكامل , السؤال هو كيف نخرج من دائرة إنتقاد الأخر وننظر الى أنفسنا ننظر الى المؤسسة الإعلامية الإخوانية ؟

المؤسسة الإعلامية للإخوان وهى تمتلك من المقومات الكثير فشلت فشلاً ذريعاً فى صنع قوة إعلامية لها ثقل لجماعة الإخوان المسلمين , مؤسسة الإخوان الإعلامية قادرة على مجابهة وحيد حامد فقط إذا ما توفرت الإرادة وأستبدلت العقول المهيمنة عليها بعقول جديدة تخرج من دائرة الإنتقاد واللوم الى دائرة الفعل , عانى شباب الإخوان فى الماضى كثيراً فى محاولات الولوج الى هذه المؤسسة الإعلامية وبينما ظلت المؤسسة محتفظة بنفس العقليات ونفس الأساليب تقدم العالم ووجد الشباب غايتهم فى العالم المفتوح وتخطوا بطبيعة الحال المؤسسة الإعلامية المنغلقة تلك , حتى فوجئنا مؤخراً بإطلاق موقع يحمل أسم ” إخوان فيس بوك ” وصرح الدكتور مرسى بعدها أن الموقع تابع رسمياً للجماعة وهى تجربة للعاملين فى حقل الإعلام والمدركين لأهداف الشبكات الإجتماعية فاشلة بإمتياز حتى باتت لدى قناعة أن الإخوان يريدون فقط زيادة عدد المواقع الخاصة بهم دون النظر الى الثقل الحقيقى لهذة المواقع أصبحت النظر للكم لا للكيف فجاء إخوان فيس بوك وإخوان تيوب وإخون جوجل وإخوان ويكيبديا وهى كلها مواقع تقليدية , تقلد بشكل أعمى المواقع الإعلامية الكبرى ولا تقدم جديد وفشلت حتى الأن فى جذب أعضاء للتفاعل معها .

فى الوقت الذى تقوم قناة كالجزيرة والبى بى سى وهى المؤسسة الإعلامية الكبرى بعمل قناة على اليوتيوب لتعارف الناس على مستوى العالم أن هذا الموقع هو الموقع المخصص للمرئيات يقوم الإخوان  بإنشاء موقع يقلد اليوتيوب ويطلقون علية ” إخوان تيوب ” فقط مزيداً من التفرد الأعمى والإنغلاق بحجة أن هذا الموقع سيكون ذا صبغة إسلامية بعيداً عن الأفكار الفاسدة التى تكون فى المواقع الكبرى وهى حجة باطلة فأهل الدعوة والحق لا يصنعون المضمار الذين يسيرون فية وحدهم بعيداً عن الناس بل يختلطون بهم ويؤثرون ويتأثرون بهم .

فقط أتمنى أن يكون مسلسل الجماعة صفعة على وجه المؤسسة الإعلامية للإخوان لتقوم من غفوتها ورقادها الذى دام طويلاً .

إليكم التريلر الخاص بالمسلسل

شلونكم 🙂

اليوم الثانى والعشرون من شهر يونيو , تبقى على نهاية إمتحاناتى أسبوع واحد وفقط , الإمتحان القادم بعد يومان يوم الخميس القادم لدى إختبار فى مادة النظم السياسية لا بد أن أبذل فيها جهداً , على كل حال الأمر بالطبع ليس متعلقاً بمدى إقتناعى وجهدى المبذول للمذاكرة بشكل عام فقط لابد أن أبذل جهداً لأنها تستحق ذلك لأنها مادة مفيدة 🙂

بعدها ستتبقى مادة واحدة وهى سهلة جداً وصغيرة أى أنى سأنتهى من الإمتحانات مجازاً يوم الخميس القادم بإذن الله ورسمياً يوم الإثنين القادم

لا أعرف أتوقع أن تكون هذه الأجازة جميلة على عكس كل توقعاتى الخاصة بالأجازات دائماً ما أكون متشائماً بخصوص الأجازة لكن الوضع مختلف هذا العام , أظننى سأقضى الكثير من الوقت فى القاهرة هذا العام بين حضور المحاضرات والندوات والمشاريع الإعلامية ودراسة الإنجليزية وأيضاً لأن كل أصدقائى القريبين منى هناك , هناك الكثير مما يجعلنى متفائلاً على مشارف هذه الأجازة يكفى أن صديقى العزيز محمد الدخاخنى سيعود من صعيد مصر أخيراً لإستكمال دراسته فى القاهرة وسنكون سوياً , ستكون هذه الاجازة أيضاً فرصة لتحسين قرائتى كماً وكيفاً .

سألنى البعض عن سبب تغيير قالب المدونة لا أعرف وجدت أنه فقط يعبر عن بعض حالاتى فى فترة ما قد أغيره , قريباً بدأت أيضاً أفكر فى اسم المدونة عمود نور , هل هو مناسب أم لا ؟ أيضاً لا أعرف لم أقرر بعد

هيا أترككم الأن أظننى سأكتب لكم مساء الخميس القادم إن شاء الله ذلك

هامش :

لم أستمع كثيراً لهانى عادل لكن أظنه صوت جميل والكلمات المختاره فى أغانيه أيضاً جميلة أنصحكم بالأستماع الى أغنيته تتجوزينى؟! وأغنيته قلب فارس

مودتى ,,

كل ألفاظ السب والشتم واللعن والوعد والوعيد لهؤلاء الذين قتلوا خالد سمعتها فى الأيام القليلة الماضية , أضف اليها قواميس الترحم على خالد , صورة خالد أنتشرت على الفيس بوك كإنتشار النار فى الهشيم وأصبح من المستهجن والمستنكر فى خضم هذه التعبئة ألا تكون صورة خالد موضوعة على صفحتك الشخصية , كل من أعرف على الفيس بوك عكف على الكيبورد يخط كلمات الثورة والحماسة ويرفع رايات التار والإنتقام من قتلة خالد , ودعى بعض النشطاء الى وقفة إحتجاجية أمام مبنى الداخلية تضامناً مع قضية خالد وإعلان حالة النفير العام للإستهجان والشجب والوعد والوعيد , ليت شعرى كل هذا ما هو إلا غثاء كغثاء السيل يجر بعضعه بعضاً أو قل هو ” إنتقام من خالد !! ”

هل تريدونى أن أذكركم بضحايا التعذيب فى سجون مبارك والنظام المصرى الذين توالت سيرهم واحداً تلو الأخر , أبدأ بذاك الشاب الذى أنتهك عرضه بإدخال عصا فى مؤخرته وشاهده العالم أجمع , أم أبدأ بضحايا العبارات والإهمال والتعذيب على يد أمناء الشرطة أم تريدوننى أن أبدأ بما حدث لشباب 6 إبريل فى إعتصامهم الأخير الشهير , أم حوادث التعذيب الكثيرة التى أصبحت فى كل مكان وعلى يد كل أمين شرطة ومخبر .

ألم يسأل أحد نفسه مرة سؤالاً عاقلا مؤداه ” لماذا لم يتغير الوضع ولم يتزحزح قدر أنمله ؟ , مع كل حالة تعذيب ينتفض الفيس بوك وينتفض النشطاء وتنشط الإحتجاجات بشكل يوحى ظاهراً أن مصر ستنقلب أحوالها تماماً وينتهى الامر على مافيش , ولا جديد ,ونعيد الأمر مرة أخرى مع كل حالة تعذيب وإنتهاك للإنسانية ولا جديد وهكذا دواليك حتى صرنا ندور فى حلقة مفرغة تبدأ بحالات التعذيب والإنتهاك وتنتهى بأبواق الإحتجاج والوعد والوعيد والوقفات الإحتجاجية وتمر الساعات ويغط الجميع فى نوم عميق وفجأة يسمعون صراخ أحد المعذبين فينفضون غطاء النوم حتى حين , ثم يعودون من جديد تسمع لهم صوت الشخير يصم الاذان .

لا أحد يريد أن يكشف لنفسه الحقيقة وراء هذا الزيف الخادع من الوقفات والكلمات الإحتجاجية التى باتت تغنى عن العمل الدؤوب الحقيقى الذى ينفذ الى العمق ليحيى موات هذا المجتمع فيكون قادراً بنفسه لا ببعض النشطاء على القيام من جديد فى وجه هذا الطغيان , ما يحدث للأسف الشديد ما هو إلا حالات متكررة للتنفيس عن الغضب الكامن بنفوسنا مع كل صيحة ألم من ضحية تخرج صرخات مكلومة تحتج وتتوعد ولا تملك من امرها إلا أن تحتج وتتوعد وبعد فترة يخمد كل شئ كأن شيئاً لم يكن , أتعرفون لماذا ؟ لأننا نتعامل مع الظواهر ولا نتعامل مع العمق لأننا نرى القشور ونبدلها مراراً وتكراراً مرة بوقفة إحتجاجية ومرة بصور الإعتراض على الفيس بوك ومرة باستاتيو يشتم ويسب ويلعن فى الحكومة نبدل القشور وخلفها يقبع مجتمع يغط فى سبات عميق يحتاج الى هزات فكرية مبنية على أسس علمية تخرجه مما هو فيه .

ليقل لى أحدكم هل سمع المجتمع وتفاعل مع قضية مقتل خالد , أقول لكم كل زملائى فى الجامعة تقريباً لم يعرفواَ شيئاً عن قضية خالد ولم يعرفوا شيئاًَ عن الوقفات الإحتجاجية بل أقول لكم اكثر من ذلك زملائى فى الجامعة رفضوا التوقيع على مذكرة يشكون فيها الدكتور لعميد الكلية بسبب أنه أتى بنصف الإمتحان من خارج المنهج زملائى يا سادة خافوا أن يأخذوا حقهم من الدكتور الذى لا يملك عصاً فكيف سيخرجون الى الشارع أمام جحافل الأمن المركزى , لا أحد يتفاعل إلا نحن بعض الشباب وهى شريحة قليلة جداً وينحصر تفاعلها فى الفيس بوك والانترنت وبعض الوقفات الإحتجاجية وهذه هى الطامة الكبرى .

حتى لا يتسرع البعض فيتهمنى بالخنوع والخضوع أنا لم أقل أن كل هذا الإحتجاج سئ ولم أطلب منكم أن توقفوه بل أطالب أن يستمر وبقوة حتى يدرك هذا النظام أن هناك أنفاساً تحت الركام تعلن رفضها وغضبها , لكن ما أرفضه وبشدة هو أن يكون العمل فقط على تلك الإحتجاجات هذه هى المصيبة والطامة الكبرى , الإحتجاجات على الفيس بوك والوقفات ما هى إلا مسكنات ثم ما يلبث الجرح أن يعود من جديد , عندى أن الشاب الذى يعمل على مشروع خاص نهضوى يحمل ملامح تنموية يخدم به مجتمعه ويحقق أهداف على مدى طويل أقول عندى هذا الشاب أفضل مليون مرة من هذا الشاب الذى لا تذهب أى وقفة إحتجاجية إلا وتراه يرفع علم مصر ويرفع صوته بالهتاف , وعندى ان الشاب الذى يجمع بين الامرين بتوازن وإدراك للعقبات هو أفضل من كليهما , شاب غير متهور بل يحسب جيداً حساباً للخطوة القادمة يحمل هم بلدة ويشارك فى الإحتجاج لكن هذا ليس همه الاكبر , همه الأكبر هو ان يبنى المجتمع وأن يجعل من نفسه إنساناً مثقفاً واعياً مدركاً لديه مشروع نهضوى أياً كان إعلامياً او تجارياً أو تربوياً لا يهم , فهذا هو ما سينهض بالأمة على المدى الطويل هذا هو الدواء الناجح الكامل وليس تلك المسكنات المؤقتة .

يا سادة إن الإحتجاج على مقتل خالد وفقط ليس شيئاً إن كنت لا تحمل بين جنباتك مشروعاً لنهضة الأمة وهدفاَ شخصياً وطموحاً لمستقبلك فأنت لا شئ , أعجب من هؤلاء الذين يحضرون كل المظاهرات والإحتجاجات وليس لهم فى حياتهم شئ يفعلونه سوى هذا الأمر , هؤلاء لا يفعلون شيئاً سوى تفريغ الشحنة فى خالد هؤلاء ينتقمون من سيرة خالد بتعجيل نسيانها وركنها كما كانت سير كل الضحايا قبله ” هؤلاء ينتقمون من خالد ” ….

خالد يستحق أكثر من ذلك .